الثلاثاء، 28 سبتمبر 2010

هذا هو الصادق الأمين - " خديجة بنت خويلد "

ولقد كانت أمنا خديجة - رضي الله عنها - تعلم أخلاق النبي - صلى الله عليه وسلم - جيداً وتسمع عن مكارمه وفضائله ما يملأ القلب بخهجة وسروراً ... بل كانت تعلم مكانته بين قومه الذين كانوا يلقبونه بالصادق الأمين وكانوا يستعينون به لحل أعتى المشاكل التي كانت تحدث بينهم.

فها هي قبال قريش قد اجتمعت لتعيد بناء الكعبة المشرفة فلقد كانت الكعبة قد أوشكت على الإنهيار قيل : حريق أصابها, وقيل بسيل جارف, وكان ذلك قبل بعثة النبي - 
صلى الله عليه وسلم - بخمس سنوات على الراجح, فلم تجد قريش بداً من إعادة بنائها.

وقد أشارت الأحاديث الصحيحة إلى ذلك ... روى البخاري عن عائشة - 
رضي الله عنها- أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لها : ألم تري أن قومك لما بنوا الكعبة اقتصروا على قواعد إبراهيم. فقلت : يا رسول الله ألا تردها على قواعد ابراهيم ؟ قال :لولا حُدثان قومك بالكفر لفعلت. فقال عبد الله - رضي الله عنه - لئن كانت عائشة -رضي الله عنها - سمعت هذا من رسول الله - 
صلى الله عليه وسلم - ما أرى رسول الله -صلى الله عليه وسلم - ترك استلام الركنين اللذين يليان الحِجر, إلا أن البيت لم يُتَمَّم على قواعد إبراهيم [ أخرجه البخاري ( 1583 ) ] .
وقصرت بقريش النفقة الطيبة لأنهم شرطوا على أنفسهم أن لا يدخل في بنائها إلا نفقة طيبة, ولا يدخلها مهر بغي, ولا بيع ربا, ولا مظلمة لأحد.

قال ابن إسحاق : ثم إن القبائل من قريش جمعت الحجارة لبنائها, كل قبيلة تجمع على حدة, ثم بنوها, حتى بلغ البنيان موضع الركن, فاختصموا فيه, كل قبيلة تريد أن ترفعه إلى موضعه دون الأخرى, حتى تحاوروا وتخالفوا وأعدوا للقتال, فقربت بنو عبد الدار جفنة مملوءة دماً ثم تعاقدوا هم وبنو عدي بن كعب ابن لؤي على الموت, وأدخلوا أيديهم في ذلك الدم في تلك الجفنة, فسموا " 
لعقة الدم " فمكثت قريش على ذلك أربع ليال أو خمساً, ثم إنهم اجتمعوا في المسجد وتشاوروا وتناصفوا.

فقالوا : 
يا معشر قريش, اجعلوا بينكم فيما تختلفون فيه أول من يدخل من باب المسجد يقضي بينكم فيه, ففعلوا. فكان أول داخل عليهم رسول الله - 
صلى الله عليه وسلم - فلما رأوه قالوا : هذا الأمين, رضينا, هذا محمد, فلما انتهى إليهم وأخبروه الخبر, قال -صلى الله عليه وسلم - : ( هلم إلىَّ ثوباً ) فأتى به, فأخذ الركن فوضعه فيه بيده, ثم قال : ( لتاخذ كل قبيلة بناحية من الثوب, ثم ارفعوه جميعاً ) ففعلوا, حتى إذا بلغوا موضعه وضعه هو بيده, ثم بني عليه [ أبو داود ( 113 ), والحاكم ( 1/458 ) ] .