الثلاثاء، 28 سبتمبر 2010

واستيقظت الذكريات - " سودة بنت زمعة "


في البيت النبوي, كان لسودة - رضي الله عنها - مواقف وضيئة, فقد قدِمت مكة رقية ابنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وزوجها عثمان بن عفان من هجرتهم من الحبشة, ووقعت عيناها على الدار الغالية, دار أمها الطاهرة خديجة - رضي الله عنها -, تلك الدار التي شهدت رقية فيها أحلى أيام عمرها,... دار الوحي والإيمان, ودار الصدق والوفاء, فانبجست في جوفها مشاعر متباينة كانت مزيجاً من اللهفة والرهبة, والفرح والحزن, والقلق, والهدوء.

وطرقت الباب, فانتشر الخبر أن قدمت رقية وعثمان, وراحت أم كلثوم وفاطمة ومن كان هناك يتسبقون إليها, وتعانقت الأخوات, وسالت العبرات, واستيقظت الذكريات, وأحس جميعهم غياب الأمو الحنون, فانفجرن باكيات.

وجاءت ودة بنت زمعة ثقيلة في خطواتها, وراحت ترحب هي الأخرى برقية وعثمان -رضي الله عنهما -, وفي مثل لمح البصر, هبت ذكريات سودة عن هجرتها إلى الحبشة مع المهاجرين, وأخذت تأل رقية وعثمان, عمَّن تركا خلفهما في الحبشة, فقد كانت سودة تقضي أغلب أوقاتها مع رقية وخولة بنت حكيم وبعض النسوة يتذاكرن أمر الإسلام, وأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

وبلغ الحبيب المصطفى - صلى الله عليه وسلم - أن رقية وعثمان - رضي الله عنهما - قد رجعا من الحبشة, فإذا بوجهه الشريف مسفرٌ ضاحكٌ مستبشرٌ, وإذا بالحنان يتدفق من قلبه الشريف, وضم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ابنته رقية - رضي الله عنها - إليه, وغمرها بعطفه, وأخذ عثمان بين ذراعيه, ثم جلسوا يصغون إلى رقية وعثمان وهما يرويان حديث الهجرة والحبشة والمسلمين والنجاشي, وربما شاركت سودة - رضي الله عنها - في الحديث عن الذكريات في أرض الحبشة. [ نساء أهل البيت ص: 89 , 90 ) بتصرف ].