الثلاثاء، 28 سبتمبر 2010

هكذا يكون الوفاء - " خديجة بنت خويلد "

حزن النبي - صلى الله عليه وسلم - لموتها حزناً شديداً فلقد كانت نعم الزوجة الصابرة المخلصة التي آزرته طوال حياته وبذلت من أجل نُصرة هذا الدين كل غالٍ ونفيس فلم يستطع النبي - صلى الله عليه وسلم - أن ينساها أبداً وكان يحمل لها وفاءً يعجز القلم عن وصفه.

فها هو الحبيب - 
صلى الله عليه وسلم - يُثني عليها ويقول : ( كمل من الرجال كثير ولم يكمل من النساء إلا آسية امرأة فرعون ومريم بنت عمران - وخديجة بنت خويلد [ اسناده صحيح كما قال بن كثير في البداية ( 3/129 ) ] - وإن فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام ) [ أخرجه البخاري ( 3411 ), ومسلم ( 2431 ), وأحمد ( 19029 ) ] .
وقد علَّق أحد العلماء الأفاضل على هذا الحديث تعليقاً لطيفاً فقال : 
من الموافقات اللطيفة التي جمعت الثلاث في نسق واحد أن كل واحدة منهن كفلت نبياً مرسلاً, وأحسنت صحبته وآمنت به, فآسيا ربَّت موى, وأحسنت إليه وصدقت به حين بُعث, ومريم كفلت عيسى وربته, وصدقت به حين أُرسل, وخديجة رغبت في النبي وواسته بنفسها ومالها, وأحسنت صحبته, وكانت أول من صدقه حين نزل الوحي.

ولم يتزوج النبي - 
صلى الله عليه وسلم - امرأة قبلها أبداً ... بل لم يتزوج عليها حتى ماتت.

فعن عائشة -
 رضي الله عنها - قالت : لم يتزوج النبي - صلى الله عليه وسلم - على خديجة حتى ماتت. [ أخرجه مسلم ( 2436 ), وعبد بن حميد ( 1473 ) ] .

وقضى معها أجمل أيام العمر في مودة ورحمة ومحبة وطاعة لله ودعوة لدين الله - 
جل وعلا- ولم تزده الأيام بعد وفاتها إلا حباً ووفاءً لها فكان يثني عليها دائماً ويحب مَن يحبها بل وكان يحب أن يرى أو يسمع من يذّكره بها وبأيامها العطرة المباركة.

وعن هشام بن عروة عن أبيه قال سمعت عبد الله بن جعفر عن علي بن أبي طالب - 
رضي الله عنهما - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : ( خير نسائها مريم ابنة عمران وخير نسائها خديجة ) [ أخرجه البخاري ( 2432 ), ومسلم ( 2430 ), والترمذي ( 3877 ) ] .
وعن ابن عباس قال : 
خط رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الأرض أربعة خطوطقال : تدرون ما هذا ؟ , فقالوا : الله ورسوله أعلم. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : أفضل نساء أهل الجنة خديجة بنت خويلد وفاطمة بنت محمد وآسية بنت مزاحم امرأة فرعون ومريم ابنة عمران - رضي الله عنهن أجمعين . [ أخرجه أحمد ( 1/293 ), والطبراني ( 11928 ), وإسناده صحيح ] .

وعن أنس - 
رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : حسبك من نساء العالمين مريم ابنة عمران وخديجة بنت خويلد وفاطمة بنت محمد وآسية امرأة فرعون. [ رواه الترمذي ( 3878 ), وأحمد ( 3/135 ), والحاكم ( 3/157 ), وإسناده صحيح ].
وعن ابن عباس قال : قال رسول الله - 
صلى الله عليه وسلم - : سيدات نساء أهل الجنة بعد مريم بنت عمران فاطمة وخديجة وآسية امرأة فرعون. [ رواه الطبراني في الكبير ( 12179 ), وإسناده حسن ].

ومن الدلائل الرائعة على وفائه - 
صلى الله عليه وسلم - للطاهرة خديجة, ما حدث في غزوة بدر الكبرى, إذ أُسر أبو العاص بن الربيع صهر الرسول الحبيب - صلى الله عليه وسلم - وزوج ابنته زينب ابنة زوجه الوفية الكريمة خديجة, فأرسلت الوفية زينب فداء لزوجها أبي العاص, ومن ضمن الفداء قلادة كانت قلدتها بها والدتها المعطاء خديجة -رضي الله عنها - ليلة زفافها, فلما رآها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رقَّ لها رقة شديدة, وتذكر زوجه المباركة الوفية خديجة, وقال لأصحابه : إن رأيتم أن تطلقوا لها أسيرها وتردوا عليها قلادتها فافعلوا.

فما كان من أصحابه الكرام -
 رضوان الله عليهم - إلا أن سارعوا بالاستجابة للنبي الكريم - صلى الله عليه وسلم - الذي حركته مشاعر الذكرى للصديقة الوفية الطاهرة -رضوان الله عليها - خديجة أم المؤمنين, فلله هذه الطاهرة أمنا خديجة التي لها دَين كبير في عنق كل مسلم ومسلمة - رضي الله عنها وأرضاها -. [ نساء مبشرات بالجنة ( ص: 31 ) ] .