الاثنين، 27 سبتمبر 2010

أبو بكر خيرٌ من مؤمن آل فرعون

قال الإمام ابن القيم - رحمه الله - عن فضائل الصديق - رضي الله عنه - فهو خيرٌ من مؤمن آل فرعون؛ لأن ذلك كان يكتم إيمانه والصديق أعلن به. وخير من مؤمن آل ياسين؛

عاين طائر الفاقة يحوم حول حب الإيثار ويصيح: "مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا " [ البقرة: 245 ], لأن ذلك جاهد ساعة والصديق جاهد سنين. فألقى له حب المال على روض الرضا واستلقى على فراش الفقر, فنقل الطائر الحَب إلى حوصلة المضاعفة, ثم علا على أفنان شجر الصدق يغرِّد بفنون المدح, ثم قام في محاريب الإسلام يتلو: " وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى (17) الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى " [ الليل: 17 , 18 ].

نطقت بفضله الآيات والأخبار, واجتمع على بيعته المهاجرون والأنصار ( فيا مبغضيه ) في قلوبكم من ذكره نار, كلما تُليت فضائله علا عليهم الصغار.

أترى لم يسمع الروافض الكفار " ثانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ" [ التوبة: 40 ] ؟.

دُعى إلى الإسلام فما تلعثم ولا أبى, وسار على المحجة فما زلَّ ولا كبا, وصبر في مدته من مدى العدى على وقع الشبا, وأكثر في الإنفاق فما قلل حتى تخلل بالعبا - أى حتى تُفى - تالله لقد زاد على السبك في كل دينار دينار " ثانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ " [ التوبة: 40 ].

من كان قرين النبي في شبابه؟
من ذا الذي سبق إلى الإيمان من أصحابه؟
من الذي افتى بحضرته سريعاً في جوابه؟
من أول من صلى معه؟
من آخر من صلى به؟
من الذي ضاجعه بعد الموت في ترابه؟ فاعرفوا حق الجار.

نهض يوم الردة بفهم واستيقاظ, وأبان من نص الكتاب معنى دق عن حديد الألحاظ.
فالمحب يفرح بفضائله, والمبغض يغتاظ.
حسرة الرافضي أن يفر من مجلس ذكره, ولكن أين الفرار؟.

كم وقى الرسول بالمال والنفس, وكان أخص به في حياته وهو ضجيعه في الرمس. فضائله جليله,وهي خلية عن اللبس.

يا عجباً! من يغطي عين ضوء الشمس في نصف النهار, لقد دخلا غاراً لا يسكنه لابث, فاستوحش الصديق من خوف الحوادث, فقال الرسول: ما ظنك باثنين والله الثالث؛ فنزلت السكينة, فارتفع خوف الحادث. فزال القلق, وطاب عيش الماكث, فقام مؤذن النصر ينادي على رؤوس منابر الأمصار "ثانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ " [ التوبة : 40 ].

حُبُّه والله رأسُ الحنفية, وبغضه يدل على خبث الطوية. فهو خير الصحابة والقرابة, والحجة على ذلك قوية. لولا صحة إمامته ما قيل ابن الحنفية. مهلاً مهلاً, فإن دم الروافض قد فار.

والله ما أحببناه لهوانا, ولا نعتقد في غيره هوانا, ولكن أخذنا بقول ( علىّ ) وكفانا: " رضيك رسول الله لديننا, أفلا نرضاك لدنيانا ". تالله لقد أخذت من الروافض بالثأر, تالله لقد وجب حق الصديق علينا؛ فنحن نقضي بمدائحه, ونقر بما نقر به من السنى عيناً. فمن كان رافضياً فلا يعد إلينا. [ الفوائد للإمام ابن القيم ( ص: 111: 113 ) ط. دار الخاني ].

وعن ابن عباس قال: اول من صلى : أبو بكر - رحمه الله -.
ثم تمثل بأبيات حسان:

إذا تذكرت شجواً من أخي ثقة ... فادذكر أخاك أبا بكرٍ بما فعلا
خير البرية أتقاها وأعدلها ... إلا النبي وأوفاها بما حملا
الثاني التالي المحمود مشهده ... وأول النا حقاً صدّق الرُسلا

ولقد ذكر أهل العلم بالتواريخ والسير أن أبا بكر شهد مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بدراً وجميع المشاهد, ولم يفته منها مشهد, وثبت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم أُحُد حين انهزم الناس, ودفع إليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رايته العظمى يوم تبوك, وأنه كان يملك يوم أسلم أربعين ألف درهم, فكان يعتق منها ويقوي المسلمين, وهو أول من جمع القرآن, وتنزَّه عن شرب المسكر في الجاهلية والإسلام, وهو أول من قاء تحرجاً من الشبهات. [ صفة الصفوة ( 1/ 97, 99 ) ط. دار ابن خلدون ].