الثلاثاء، 28 سبتمبر 2010

والجزاء من جنس العمل - " خديجة بنت خويلد "

عن ابي هريرة - رضي الله عنه - قال : أتى جبريل النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال يا رسول الله, هذه خديجة قد أتت معها إناء فيه إدام أو طعام أو شراب فإذا هي أتتك فاقرأ عليها السلام من ربها ومني, وبشرها ببيت في الجنة من قصب لا صخب فيه ولا نصب. [ أخرجه البخاري ( 3820 ), ومسلم ( 2432 ) ].
فتعالوا بنا لنعرف لماذا جاءت البشرى ببيتٍ من قصب ؟ ولماذا القصب بالذات ؟.

قال ابن حجر : قصب بفتح القاف : قال ابن التين : المراد به لؤلؤة مجوفة واسعة كالقصر المنيف. قلت : عند الطبراني في " الأوسط " من طريق أخرى عن أبن أبي أوفى, يعني : قصب اللؤلؤ. وعنده في " الكبير " من حديث أبي هريرة : " بيت من لؤلؤ مجوفة ". وأصله في " مسلم ", وعنده في " الأوسط " من حديث فاطمة قالت : قلت : يا رسول الله, أين أمي خديجة ؟ قال : " في بيت من قصب ". قلت : أمن هذا القصب ؟, قال : لا, من القصب المنظوم بالدر واللؤلؤ والياقوت.

قال السهيلي : النكتة في قوله : ( من قصب ) ولم يقل : من لؤلؤ, أن في لفظ القصب مناسبة لكونها أحرزت قصب السبق بمبادرتها إلى الإيمان دون غيرها, ولذا وقعت هذه المناسبة في جميع ألفاظ هذا الحديث. 
[ فتح الباري ( 7/171 , 172 ) ].

وفي القصب مناسبة أخرى من جهة استواء أكثر أنابيبه, وكذا كان لخديجة من الإستواء ما ليس لغيرها, إذ كانت حريصة على رضاه بكل ممكن, ولم يصدر منها ما يغضبه قط كما وقع لغيرها.

واما قوله : " ببيت ", فقال أبو بكر الإسكاف في فؤائد الأخبار : المراد به بيت زائد على ما أعد الله لها من ثواب عملها, ولهذا قال : " لا نصب فيه " أي لم تتعب بسببه.

قال السهيلي : لذكر البيت معنى لطيف, لأنها كانت ربة بيت في الإسلام منفردة به, فلم يكن على وجه الأرض في أول يوم بعث النبي - 
صلى الله عليه وسلم - بيت إسلام إلا بيتها, وهي فضيلة ما شاركها فيها أيضاً غيرها.

قال : وجزاء الفعل يذكر غالباً بلفظه, وإن كان أشرف منه, فلهذا جا الحديث بلفظ البيت دون لفظ القصر.

قال المناوي : البيت عبارة عن القصر, وتسميته الكل بإسم الجزء معلوم في لسانهم, ويلوح الجزاء من جنس العمل في قول الرسول - 
صلى الله عليه وسلم - : " لا صخف فيه ولا نصب ", فالصخب : الصياح والمنازعة برفع الصوت, والنصب : التعب.

قال السهيلي : مناسبة نفي هاتين الصفتين - 
أعني المنازعة والتعب - أنه - صلى الله عليه وسلم - لما دعا إلى الإسلا أجابته خديجة طوعاً, فلم تحوجه إلى رفع صوت ولا منازعة ولا تعب في ذلك, بل أزالت عنه كل نصب, وآنسته من كل وحشة, وهونت عليه كل عسير, فناسب أن يكون منزلها الذي بشرها به ربها بالصفة المقابلة لفعلها. [ فتح الباري ( 8/172 ) ] .