الثلاثاء، 28 سبتمبر 2010

سيد الأولين والآخرين - " خديجة بنت خويلد "

إن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان قد جمع في نشأته خير ما في طبقات الناس من ميزات, وكان طرازاً رفيعاً من الفكر الصاب, والنظر السديد, ونال حظاً وافراً من حسن الفطنة وأصالة الفكر وسداد الوسيلة والهدف, وكان يستعين بصمته الطويل على طول التأمل وإدمان الفكر واستنكاء الحق, وطالع بعقله الخصب وفطرته الصافية صحائف الحياة وشئون الناس وأحوال الجماعات, فعاف ما سواها من خرافة, ونأى عنها, ثم عايش الناس على بصيرة من أمره وأمرهم, فما وجدناً حسناً شارك فيه, وإلا عاد إلى عزلته العتيدة, فكان لا يشرب الخمر, ولا ياكل مما ذُبح على النُصب, ولا يحضر للأوثان عيداً, ولا إحتفالاً, بل كان من أول نشأته نافراً من هذه المعبودات الباطلة, حتى لم يكن شئ أبغض إليه منها, وحتى كان لا يصبر على سماع الحلف باللات والعزى [ يدل عليه كلامه مع بحيرا الراهب - انظر ابن هشام ( 1/128 ) ] .

ولا شك أن القدر حاطه بالحفظ.

روى البخاري عن جابر بن عبد الله -
 رضي الله عنهما - قال : لما بُنيت الكعبة ذهب النبي - صلى الله عليه وسلم - وعباس ينقلان الحجارة, فقال عباس للنبي - صلى الله عليه وسلم -: اجعل إزارك على رقبتك يقيك من الحجارة, فخرَّ إلى الأرض, وطمحت عيناه إلى السما, ثم أفاق, فقال : إزاري, إزاري , فشد عليه إزاره, وفي رواية : فما رؤيت له عورة بعد ذلك [ البخاري ( 3829 ), ومسلم ( 340 ), وأحمد ( 13727 ) ] .

وكان النبي - 
صلى الله عليه وسلم - يمتاز في قومه بخلال عذبة وأخلاق فاضلة, وشمائل كريمة فكان أفضل قومه مروءة, وأحسنهم خُلقاً, وأعزهم جواراً, وأعظمهم حلماً, وأصدقهم حديثاً, وألينهم عريكة, وأعفهم نفساً, وأكرمهم خيراً, وأبرهم عملاً, وأوفاهم عهداً, وآمنهم أمانة, حتى سماه قومه " الأمين ", لما جُمع فيه من الأحوال الصالحة والخصال المرضية, وكان كما قالت أم المؤمنين خديجة - رضي الله عنها - : يحمل الكَل, ويكسبالمعدوم, ويقري الضيف, ويعين على نوائب الحق [ البخاري ( 4 ), ومسلم ( 160 ) ] .