الثلاثاء، 28 سبتمبر 2010

هكذا أصبحت أماً للمؤمنين وزوجة لسيد الأولين والآخرين - " سودة بنت زمعة "


هكذا أصبحت أماً للمؤمنين 
وزوجة لسيد الأولين والآخرين
صلى الله عليه وسلم

لقد كان أصحاب الحبيب - صلى الله عليه وسلم - يعرفون قدر خديجة - رضي الله عنها- عند النبي - صلى الله عليه وسلم - فعندما ماتت كانوا يرجون أن يرزقه الله - عز وجل - بما يخفف عنه آلامه واحزانه ... ولكن لم يكن أي واحد يجرؤ أبداً أن يكلم النبي - صلى الله عليه وسلم - في أمر الزواج فشاء الحق - جل وعلا - أن تتجرأ واحدة من فُضليات نساء الصحابة ألا وهي خولة بنت حكيم لتعرض هذا الأمر على رسول الله -صلى الله عليه وسلم - من أجل إدخال الفرح والسرور على قلبه المحزون.

وها هي امنا عائشة - رضي الله عنها - تحكي لنا كيف استطاعت خولة - رضي الله عنها - أن تعرض هذا الأمر على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

عن عائشة قال : لما توفيت خديجة, قالت خولة بنت حكيم بن الأوقص - امرأة عثمان بن مظعون -, وذلك بمكة : يا رسول الله ألا تزوج ؟, قال : مَن ؟, قالت : إن شئت بكراً وإن شئت ثيباً ؟ قال : فمن البكر ؟ قالت : ابنة احب خلق الله إليك عائشة بنت ابي بكر.قال : فمن الثيب ؟ قالت : سودة بنت زمعة, آمنت بك, واتبعتك على ما أنت عليه. قال : فاذهبي فاذكريهما علىَّ. [ قال الهيثمي في المجمع ( 15285 ) : رواه الطبراني ].

وفي رواية أحمد - بشئ من التصرف - قالت : فذهبتُ إلى سودة وأبيها زمعة - وكان شيخاً كبيراً قد جلس عن المواسم - 
فقلت : ماذا أدخل الله عليكم من الخير والبركة ؟ 
فقالت سودة في دهشة : وما ذاك يا خولة ؟ 
قلت : أرسلني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إليك لأخطبك عليه.

غمر سودة سرورٌ عميقٌ, واستشعرت دموع الفرح تبلل وجهها وروحها, وتذكرت ما رأت في نومها منذ فترة, وها هي رؤياها قد جعلها ربها حقاً, وما كانت تطمع في أن تكون زوجاً لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد ان نالت منها السنون, وإنه لشرف عظيم لا يدانيه شرف أن تصبح ام المؤمنين ..., ثم توجهت إلى خولة وقالت لها والبشر يملأ وجهها : وددتُ ذلك ولكن ادخلي على أبي فاذكري له ذلك.

قالت خولة : فدخلت على أبي سودة, وحييتهُ بتحية أهل الجاهلية 
وقلت : أنعم صباحاً. 
فقال : مَن أنت يا هذه ؟. 
فقلتُ : خولة بنت حكيم بن أمية السُّلمي زوج عثمان بن مظعون الجمحيّ. 
قالت خولة : فرَّحب بي والد سودة, وقال ما شاء الله أن يقول, فقد كان على علم بأني خرجت عن آلهة قومي, وىمنت وهاجرت إلى الحبشة, ثم عدت إلى مكة, وسألني عن حاجتي 
وقال : ما شأنك ؟!
فقلت : إن محمد بن عبد الله بن عبد المطلب يذكر ابنتك سودة أم الأسود.
قال : إن محمدً كفءٌ كريم, ولكن ما تقول صاحبتك سودة ؟
قلت : هي تحب ذلك.
قال : إذن ادعيها إلىَّ.
فذهبتُ ودعوتها 
فقال لسودة : أي بنية, إن خولة ابنة حكيم تزعم أن محمد ابن عبد الله قد أرسل يخطبك, وهو كفءٌ كريم, أتحبين أن أزوجك منه ؟
فقالت سودة في صوت يفصح عن رغبتها : نعم إن أحببت.
فالتفت زمعة إلى خولة وقال لها : قولي لمحمد فليأتنا.
قالت خولة : فجاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعقد عليها وملكها فزوّجه إياها بعد ان أصدقها أربعنائة درهم. [ قال الهيثمي في المجمع ( 15786 ), رواه احمد ].

وكان لم المؤمنين سودة أخٌ يدعى عبد الله بن زمعة لا يزال على دين قريش, وكان خارج مكة, فلما قدم مكة, وجد أن اخته سودة قد تزوجها محمد - صلى الله عليه وسلم -, فطارت نفسه شعاعاً, وتملكه الغيظ, وركبته حمى الجاهلية, وحثا بالتراب على رأسه أسفاً وحزناً على هذا الزواج, ودخل على أبيه يرغي ويزبد, ويتوّعد ويهدّد.

ولما فتح الله - عز وجل - بصيرته وبصره على محاسن نور الإسلام وآمن بالله, وبمحمد رسولاً ونبياً, قال محدّثاً عن نفسه : إني لسفيه يوم أحثو التراب على رأسي, أن تزوج النبي - صلى الله عليه وسلم - سودة. [ قال الهيثمي فى المجمع ( 15340 ), رواه الطبراني ورجاله ثقات ].