الثلاثاء، 28 سبتمبر 2010

الزواج المبارك - الجزء الثاني - " خديجة بنت خويلد "

في غمرة الحيرة والإضطراب تدخل عليها صديقتها نفيسة بنت منبه, وتجلس معها تبادلها أطراف الحديث حتى استطاعت أن تكشف السر الكامن المرتسم على محياها وفي نبرات حديثها.

وهدأت نفيسة من روع خديجة وطمأنت خواطرها, وذكرت بأنها ذات الحسب والنسب والمال والجمال, واستدلت على صدق قولها بكثرة الطالبين لها من أشراف الرجال .


وما إن خرجت نفيسة من عند خديجة حتى انطلقت إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وكلمته أن يتزوج الطاهرة خديجة, وقالت : يا محمد ما يمنعك أن تتزوج ؟ فقال - عليه الصلاة والسلام - : ما بيدي ما أتزوج به

قالت : فإن كُفيت ودُعيت إلى المال والجمال والشرف والكفاءة فهل تجيب ؟
فرد متسائلاً : ومن ؟
قالت على الفور : خديجة بنت خويلد .
فقال : إن وافقت فقد قبلت .

وانطلقت نفيسة لتزف البشرى إلى خديجة, وأخبر - عليه الصلاة والسلام - أعمامه برغبنته في الزواج من خديجة, فذهب أبو طالب وحمزة وغيرهما إلى عم خديجة عمرو بن أسد, وخطبوا إليه ابنة أخيه, وساقوا إليه الصداق .


في ذك المجلس اللطيف, قام أبو طالب يخطب, وذكر أبو العباس المبرد - رحمه الله - وغيره, أن أبا طالب خطب خطبة الإملاك فقال :


الحمد لله الذي جعلنا من ذرية إبراهيم, وزرع إسماعيل, وضئضئ - أصل - معد, وعنصر مُضر, وجعلنا حضنة بيته, وسواس حرمه, وجعل لنا بيتاً محجوباً, وحرما آمناً, وجعلنا الحكام على الناس, ثم إن ابن أخي هذا محمد بن عبد الله لا يوزن برجل إلا رجح عليه براً وفضلاً, وشرفاً وعقلاً, ومجداً ونبلاً.


فإن كان في المال قُل - قلة - فإن المال ظل زال, وأمر حائل, وعارية مسترجعة, ومحمد من قد عرفتم قرابته, وقد خطب خديجة بنت خويلد, وبذل لها ما آجله وعاجله من مالي عشرين يكرة, وفي رواية : وقد بذل لها من الصداق اثنتي عشرة أوقية ذهباً ونشّاً - أي نصف أوقية - ثم قال أبو طالب : وهو والله بعد هذا له نبأٌ عظيم وخطر جليل فزوجها 
[ السيرة الحلبية ( 1/226 ) , والروض الأنف للسهيلي ( 1/213 ) ] .


ولما تم العقد نُحرت الذبائح, ووزعت على الفقراء, وفتحت دار خديجة للأهل والأقارب .


كانت الطاهرة خديجة - رضي الله عنها - بنت أربعين في سن اكتمال الأمومة, أما محمد -صلى الله عليه وسلم - ففي سن اكتمال الشباب ابن خمس وعشرين سنة.


وفي هذا الزواج المبارك كانت الطاهرة خديجة هي الزوجة الوفية في حبها, وهي الأم الرؤوم في حنانها وعطفها وبرها - رضي الله عنها -.




الزواج المبارك - الجزء الأول " خديجة بنت خويلد "