الثلاثاء، 28 سبتمبر 2010

صبرٌ واحتساب - الجزء الثاني - " خديجة بنت خويلد "

عن عروة بن الزبير قال سالت ابن عمرو بن العاص أخبرني بأشد شئ صنعه المشركون بالنبي - صلى الله عليه وسلم - قال : بينا النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلى في حجر الكعبة, إذ أقبل عقبة بن أبي معيط فوضع ثوبه في عنقه, فخنقه خنقاً شديداً, فأقبل أبو بكر حتى أخذ بمنكبه ودفعه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : ( أتقتلون رجلاً أن يقول ربي الله [ غافر:28 ] [ أخرجه البخاري ( 3856 ) ] .

وكذلك تعرض أصحاب النبي - 
صلى الله عليه وسلم - لأشد أنواع الأذى والابتلاء.

عن خباب بن الأرت أنه قال : أتيت النبي - 
صلى الله عليه وسلم - وهو متوسد بُردة وهو في ظل الكعبة - وقد لقينا من المشركين شدة - فقلت : يا رسول الله ألا تدعو عليهم, فقعد وهو محمر وجهه فقال : لقد كان من قبلكم ليمشط بمشاط الحديد ما دون عظامه من لحم أو عصب ما يصرفه ذلك عن دينه, ويوضع المنشار على مفرق رأسه فيُشق باثنين ما يصرفه ذلك عن دينه وليتمن الله هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضر موت ما يخاف إلا الله. [ أخرجه البخاري ( 3852 ), وأحمد ( 5/109 ) ] .

قال ابن القيم - 
رحمه الله - : والمقصود أن الله سبحانه اقتضت حكمته أنه لابد أن يمتحن النفوس ويبتليها, فيظهر بالامتحان طيبها من خبيثها, ومن يصلح لموالاته وكرامته ومن لا يصلح, وليمحص النفوس التي تصلح له ويخلصها بكير الامتحان كالذهب الذي لا يخلص ولا يصفو من غشه إلا بالامتحان, إذ النفس في الأصل جاهلة ظالمة, وقد حصل لها من الجهل والظلم من الخبث ما يحتاج خروجه إلى السبك والتصفية, فإن خرج في هذه الدار وإلا ففي كير جهنم, فإذا هُذِّب العبد ونُقى أُذن له في دخول الجنة. [ زاد المعاد ( 3/18 ) ] .

وقال الدكتور مصطفى السباعي : إن ثبات المؤمنين على عقيدتهم بعد أن يُنزل بهم الأشرار والضالون أنواع العذاب والاضطهاد دليل على صدق إيمانهم وإخلاصهم في معتقداتهم, وسمو نفوسهم وأرواحهم, بحيث يرون ما هم عليه من راحة الضمير واطمئنان النفس والعقل, وما يأملونه من رضى الله جل شأنه, أعظم بكثير مما ينال أجسادهم من تعذيب وحرمان واضطهاد 
[ السيرة النبوية دروس وعبر ( ص:49 ) ] .