الأربعاء، 6 أكتوبر 2010

الهجرة المباركة - الجزء الثالث - " عائشة بنت أبي بكر "


كانت المدينة كلها قد زحفت للإستقبال, وكان يوماً مشهوداً لم تشهد المدينة مثله في تاريخها, وقد رأى اليهود صدق بشارة حبقوق النبي : إن الله جاء من التيمان والقدوس من جبال فاران. [ صحيفة حبقوق ( 3/3 ) ].

وبعد الجمعة دخل النبي - صلى الله عليه وسلم - المدينة ومن ذلك اليوم سُميت بلدة يثرب بمدينة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... ونزل النبي - صلى الله عليه وسلم - في دار أبي أيوب الأنصاري - رضي الله عنه -.

فعن أنس - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : أي بيوت أهلنا أقرب ؟, فقال أبو أيوب : انا يا رسول الله, هذه داري, وهذا بابي, قال : فانطلق فهيئ لنا مقيلاً, قال : قوما على بركة الله. [ أخرجه البخاري ( 3911 ) واحمد ( 12255 )(3/122 ) ].

وبعد أيام وصلت إليه زوجته سودة, وبنتاه فاطمة وأم كلثوم, وأسامة بن زيد, وأم أيمن, وخرج معهم عبد الله بن أبي بكر بعيال أبي بكر ومنهم عائشة, وبقيت زينب عند أبي العاص, لم يمكنها من الخروج حتى هاجرت بعد بدر. [ زاد المعاد ( 2/55 ) ].

قالت عائشة : لما قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة وعك أبو بكر وبلال, فدخلت عليهما, فقلت : يا أبَتِ كيف تجدك, ويا بلال كيف تجدك ؟ قالت : فكان أبو بكر إذا أخذته الحمى يقول :
كل امرئ مصبَّح في أهله ... والموت أدنى من شراك نعله

وكان بلال إذا أقلع عنه الحمى يرفع عقيرته ويقول :
ألا ليت شعري هل أبيتن ليلة ... بوادٍ وحولي إذخر وجليلُ
وهل أرِدَن يوماً مياه مجنة ... وهل يبدون لي شامة وطفيل

قالت عائشة : فجئت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخبرته, فقال : اللهم حبِّب إلينا المدينة كحبنا مكة أو أشد, وَصَحِّحهَا, وبارك في صاعها ومُدِّها, وانقل حماها فاجعلها بالجحفة. [ أخرجه البخاري ( 1889 ), ومسلم ( 1376 ) - بتصرف من الرحيق المختوم ].